المنتخبات الصاعدة تلفت الأنظار و تكسب الاحترام
ما بين نتائج كوسوفو الجيدة في تصفيات يورو 2020 وتعادل اليمن مع السعودية (2-2) في التصفيات الآسيوية المزدوجة، وتقدم جيبوتي في تصفيات إفريقيا المونديالية، لفت عدد كبير من المنتخبات الصاعدة الأنظار.
مع انتهاء فترة التوقف الدولي والتي شهدت انطلاق التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم قطر 2022 وكأس آسيا الصين 2023، إضافة إلى الدور الأول من التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى المونديال، واستمرار التصفيات المؤهلة إلى نهائيات بطولة أمم أوروبا “يورو 2020” يمكن القول إن الملحوظة الأبرز في جميع المباريات التي أقيمت هي تصاعد مستويات عدد كبير من المنتخبات المغمورة أو الصاعدة، والتي أصبحت “ذات مخالب” ولا يمكن الاستهانة بها على الإطلاق.
أمر آخر وضح تماماً في المباريات الدولية الرسمية خلال الأيام الماضية هو اختفاء الفجوة الكبرى بين المنتخبات العريقة ومنافسيها من المنتخبات الصغيرة خلال المباريات فلم نعد نشاهد كثيرا النتائج العريضة مثل الفوز بفارق سبعة أو ثمانية أهداف، وأكبر دليل على ذلك أن فرنسا بطلة العالم ووصيفة بطل أوروبا تغلبت بصعوبة على أندورا بثلاثية نظيفة ضمن الجولة السادسة من مباريات المجموعة الثامنة علماً بأن وسام بن يدر أحرز ثالث أهداف فرنسا في الدقيقة الأخيرة من المباراة.
أيضاً ويلز التي تأهلت إلى نصف نهائي يورو 2016 وصاحبة المركز 24 في التصنيف العالمي، فازت بصعوبة شديدة على أذربيجان صاحبة المركز 109 عالمياً بهدفين مقابل هدف علماً أن غاريث بايل أحرز هدف الفوز في الدقيقة 84.
ونظل في تصفيات يورو 2020 لنسلط الأضواء على منتخب كوسوفو هذا المنتخب الذي كافح بشدة لنيل الاعتراف الدولي من قبل الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم، ويعد من أحدث المنتخبات على الصعيد الدولي حيث خاض أول مباراة رسمية أمام جزر الفارو في مدينة فرانكفورت في الثالث من حزيران/يونيو عام 2016، وفاز فيها بهدفين دون رد.
منتخب كوسوفو يعد مثالاً واضحاً جداً على التطور في عالم كرة القدم، وأن جميع المنتخبات أصبحت تمتلك فرصاً كبيرة للصعود على سلم الكرة العالمية، بفضل انتشار اللاعبين المحترفين في جميع الدوريات الأوروبية الكبرى سواء دوريات القسم الأول والممتاز أو حتى دوريات الدرجات الدنيا.
كوسوفو تحتل حالياً المركز 120 على لائحة الفيفا للتصنيف العالمي وعلى الرغم من ذلك حققت نتائج رائعة في تصفيات يورو 2020 حيث فازت خارج ملعبها على بلغاريا العريقة بثلاثة أهداف مقابل هدفين وعلى جمهورية التشيك بهدفين مقابل هدف قبل أن تلقى خسارة منطقية أمام إنكلترا بخمسة أهداف مقابل ثلاثة وهي الأولى لها في مباريات المجموعة الأولى، علماً بأنها المرة الأولى التي يستقبل فيها المنتخب الإنكليزي ثلاثة أهداف على ملعبه منذ عام 2012 تحديداً عندما خسر من هولندا (3-2) في ويمبلي.
المنتخب الكوسوفي يضم عدداً من اللاعبين البارزين في الدوريات الأوروبية الكبرى مثل قائد الفريق سمير أوجكاني حارس مرمى تورينو الإيطالي وأمير رحماني مدافع هيلاس فيرونا الإيطالي وفولان بريشا لاعب وسط لاتسيو إضافة إلى مهاجم فنربهشه التركي، فيدات موريكي.
جيبوتي تدخل التاريخ
نذهب إلى الدور الأول من التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم قطر 2022، لنجد أن الدور التأهيلي الأول انتهى على وقع مفاجآت مدوية أبرزها مفاجأة المنتخب الجيبوتي الذي سطر أبرز نتيجة في تاريخه عندما تخطى عقبة إيسواتيني “سوازيلاند” سابقاً وهو المنتخب المتمرس في التصفيات الإفريقية بالفوز عليه ذهاباً بهدفين مقابل هدف في جيبوتي ثم التعادل بدون أهداف في العاصمة مانزيني، وهو ما منح مقعداً للمنتخب الجيبوتي في دور المجموعات في التصفيات لأول مرة في تاريخه.
جيبوتي مثال واضح على أن هناك العديد من المنتخبات المغمورة أصبحت تعمل بشكل جدي للارتقاء على ساحة الكرة الإقليمية على الأقل، فالمنتخب الذي هزم سابقا من أوغندا (10-1) عام 2001 ومن رواندا (9-0) عام 2007، يدربه حالياً مدرب فرنسي شاب هو جوليان ميتي.
منتخب الصومال الذي اختفى تماماً في السنوات الطويلة الماضية جراء الحرب الأهلية في البلاد، كاد أن يحقق عودة تاريخية إلى ساحة الكرة الإفريقية في التصفيات الحالية، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من أن يتخطى منتخب زيمبابوي الذي قدم مستويات لافتة في كأس الأمم الماضية، بعد أن فاز عليه ذهاباً بهدف نظيف، وكفاحه في لقاء العودة الذي شهد تسجيل هدف التأهل لزيمبابوي في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع.
الصومال استفادت من المهاجرين الصوماليين المنتشرين في عدد كبير من دول العالم على سبيل المثال الظهير الأيمن في الفريق الذي واجه زيمبابوي هو يونس فرح البالغ من العمر 20 عاماً والذي ولد في لندن ويحمل الجنسية البريطانية أيضاً، فرح لعب لنادي ساوثيند يونايتد الإنكليزي للشباب قبل أن ينتقل لأحد الأندية النرويجية المغمورة هو تريسيل ف ك.
كذلك يوجد المدافع الذي يحمل الجنسية الإيطالية أيضاً أبيل جيلي والذي كان من ناشئي بارما قبل أن ينتقل لعدد من الأندية الإيطالية في الدرجات الدنيا ثم خاض عقب ذلك تجربة احترافية مع ماريبور السلوفيني.
مفاجآت كبرى في التصفيات الآسيوية
وأخيراً نذهب إلى التصفيات الآسيوية المزدوجة والتي شهدت نتائج لافتة جداً لعدد من المنتخبات الآسيوية الصاعدة مثل مثلا المنتخب الماليزي الذي خسر بصعوبة شديدة من الإمارات بهدفين مقابل هدف في كوالالمبور علماً بأنه كان متقدماً منذ الدقيقة الأولى وحتى الدقيقة 43 بهدف نظيف، المنتخب الماليزي ذاته كان قد خسر في تصفيات مونديال 2018 أمام الإمارات تحديداً بعشرة أهداف دون رد.
أيضاً لا يمكن أن نغفل تعادل اليمن مع السعودية (2-2) في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الرابعة علماً أن المنتخب اليمني المتراجع جداً في التصنيف العالمي “المركز 142” لم يخسر حتى الآن إذ تعادل مع سنغافورة متصدرة المجموعة في الجولة الماضية، وهذه المجموعة تحديداً شهدت مفاجأة مدوية عندما تغلبت فلسطين على أوزباكستان أحد المنتخبات المتقدمة آسيوياً بهدفين دون رد.
سنغافورة متصدرة المجموعة الرابعة على سبيل المثال تحتل المركز 162 في التصنيف العالمي إلا أن التنظيم الجيد للمسابقات المحلية ووجود بنية أساسية جيدة من ملاعب للتدريب وستادات بالتأكيد سيرفع من مستوى المنتخب السنغافوري رويداً رويداً.
ونختم بتعادل المنتخب الهندي مع مستضيفه المنتخب القطري بطل آسيا بدون أهداف، وهي نتيجة تثبت أن نمور الهند الذين قدموا مستويات جيدة في كأس أمم آسيا الماضية مطلع العام الحالي، هم من أكثر المنتخبات الآسيوية تطوراً حالياً وهي نتيجة منطقية للعمل المنظم والطموح الذي يقدمه الاتحاد الهندي لكرة القدم والذي أطلق دوري المحترفين قبل سنوات وجذب عدد من نجوم الكرة العالمية، إضافة الى استضافة البطولات الكبرى مثل تنظيم كأس العالم للناشئين تحت 17 عاماً العالم قبل الماضي.